ثانوية البحيرة ايتزار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التعريف بالمصحف العثماني

اذهب الى الأسفل

التعريف بالمصحف العثماني Empty التعريف بالمصحف العثماني

مُساهمة  Ahnich الخميس أكتوبر 28, 2010 2:36 pm

بسم الله الرحمن الرحيم :

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، خصوصاً نبينا المصطفى، وآل البيت الشرفا، وأصحابه الحنفا، ومن سبيلهم اقتفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ..

أما بعد :

فهذا عرض مختصر حول موضوع جليل متاضع، بعنوان : [ المصحف العثماني ]، أو : [ مصحف الإمام ] الذي كتبه الخليفة الراشد عثمانُ بن عفان رضي الله عنه، أردت به النفع والفائدة، فاللهَ أسألُ أن يُعظم النفع بها، وييسر للسامع فيها أمرها، إنه بكل جميل كفيل – وعلى كل شيء قدير – وبالإجابة جدير، وارتأيت أن أجعل هذا الموضوع في سبع نقاطٍ مركزةٍ ومختصرةٍ كالآتي :



أولاً : تعريف المصحف العثماني :



يقول الأستاذ الكردي في كتابه القيم: [ تاريخ القرآن ]: " والمراد بالمصحف العثماني مُصحف عثمانِ بن عفان – رضي الله عنه – الذي أمر بكتابته وجمعه، وكانوا يسمونه: ( مصحف الإمام )، وسبب هذه التسمية ( الإمام ) هي مقولة عثمان – رضي الله عنه – ... يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماماً " .

ثانياً : الطريقة والمَنهج الذي كُتِب به:






لقد حدَّد عثمانُ – رضي الله عنه – مع الكُتاب الكرام رضي الله عنهم الأسس والقواعد والمنهج الذي يعتمدون عليه في نسخ المصاحف العثمانية، يمكن تلخيصها في النقاط الآتية :

1- لا يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن .

2- أنه لا يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العَرضة الأخيرة .

3- لا يكتب شيء إلا بعد التأكد من أنه منسوخ .

4- لا يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة .

5- إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش .

6- يحافظ على القراءات المواترة، ولا تُكتب قراءة غيرَ متواترة .

7- اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات، يرسم بصورة واحدة .

8- اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات، ويمكن رسمه في الخط محتمِلاً لها، يكتب برسم واحد، مثل قوله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ﴾، فإنها تصح أن تُقرأ بالقراءة الأخرى (( فتبينوا ))؛ لأن الكتابة كانت خاليةً من النقط والشكل .

9- اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات، ولا يمكن رسمه في الخط محتمِلاً لها يكتب في نسخة برسم يوافق بعض الوجوه، وفي نسخة أخرى برسم يوافق الوجه الآخر، مثل قوله تعالى: ﴿ ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ﴾، فإنها تكتب في نسخة أخرى: (( وأوصى )).

وعليه، بهذا المنهج الدقيق الرفيع، والأسس المتينة المحكمة، كُتب المصحف العثماني، فكان في غاية الدقة والضبط والتحري .


ثالثاً : مزايا المصحف العثماني :





لقد أنهت اللجنة الألمعية عَمَلَها بنجاح باهر، فجاء على خير مثال، وأجمل كتاب، فاتصفت مصاحفُها التي نسختها بعديد من المزايا، من أهمها :

-1- الإقتصار على ما ثبت بالتواتر من أوجه القراءات، دون ما كانت روايته آحاداً، ولذلك لم يكتبوا مثل: (( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ))، بزيادة (( صالحة ))؛ لأن هذه الكلمة لم تتواتر .

-2- تجريدها من كل ما كان في بعض المصاحف الخاصة من تفسيرات وشروح، أو ذِكْرِ أسباب النزول، وغير ذلك ...

-3- إهمال ما نُسخت تلاوته ولم يستَقِرَّ في العَرضة الأخيرة، كما هو الشأن في الأصل المعتمد، وهو ما كتبه زيدٌ رضي الله عنه على عهد أبي بكر رضي الله عنه .

-4- ترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن، والذي كان بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بينما لم يكن صحُفُ أبي بكر رضي الله عنه مرتبةَ السور، بل كانت مرتبة الآيات فقط .

-5- أن رسمها كان بطريقة تَجمع الأحرفَ السبعةَ التي نزل عليها القرآن، وتصلح لأوجه القراءات المختلفة، وكان يساعد على ذلك أنها لم تكن مشكولة ولا منقوطة، فقوله تعالى: ﴿ إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ﴾، يصلح القراءتين المتواترتين (( فتثبتوا ))، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وانظر إلى العظام كيف ننشرها ﴾، تصلح لأن تقرأ: (( ننشرها ))، و (( ننشزها )) كما هو ثابت ومعروف عند كل ذي لب .

رابعاً : أعضاء اللجنة التي كتبت المصحف العثماني :






يقول الشيخ أبو زهرة رحمه الله في كتابه: [المعجزة الكبرى: القرآن]: " وجمع – أي عثمان رضي الله عنه – من الصحابة الحافظين الكرامِ بضعةً، على رأسهم زيدُ بن ثابت الجامعُ الأول، والثقة الثبت، الذي كان له فضل الثبت في كل كلمة وآية، وكان جملةً من ضمَّهم زيدٌ ثلاثة، هم: عبدُ لله بنُ الزبير، وسعدُ بن العاص، وعبد الرحمان بن الحارث، وقال لهذا الرهط من قريش: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد، فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم " .

ويقول أحمد إسماعيل في كتابه: [ مفتاح الراغبين ]: " وقد وردت بعض الروايات أن الذين نُدِبوا لنسخ المصاحف كانوا اثني عشر رجلا ".

ولا تعارض بين هذه الروايات، وما هو ثابت من أن أعضاء اللجنة هم الأربعةُ الذين سبق ذكرهم: ( زيد بن ثابت – عبد الله بن الزبير – سعيد بن العاص – عبد الرحمان بن الحارث )، قال أبو زهرة: " ويظهر أن سيدنا عثمان رضي اله عنه لم يكتف بهؤلاء الأربعة، بل كان يضم إلى معاونتهم من يكون عنده علم بالقرآن يعاونهم في كتابه " .


خامساً : عدد المصاحف العثمانية :



لقد اختلف العلماء في ذلك على قولين، هما :

القول الأول : وهو أشهرها، أنها ستة، تم توزيعها كما يأتي:

1 – مصحف أرسل إلى مكة . 2 – مصحف أرسل إلى البصرة . 3 – مصحف أرسل إلى الكوفة . 4 – مصحف أرسل على الشام . 5 – مصحف ظل بالمدينة المنورة . 6 – مصحف احتفظَ به عثمانُ رضي الله عنه لنفسه .

القول الثاني : إن عدد المصاحف ثمانية، وهي الستة المتقدمة مع زيادة مصحفين :

أحدهما أُرسل إلى البحرين، أما الثاني أُرسل إلى اليمن .

وفي هذا المقام يقول الإمام الزركشي في: [ البرهان : 1/240 ]: " قال أبو عمرو الداني في المقنِع: أكثرُ العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحفَ جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كل ناحية واحداً: الكوفة، البصرة، والشام، وترك واحداً عنده، وقد قيل: إنه جعله سبع نسخ، وزاد إلى مكة، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وقال: والأول أصح، وعليه الأئمة ".

ويقول الإمام السيوطي رحمه الله في: [ الإتقان ]: ( 1/393 ): " اختُلف في عدد المصاحف التي أرسل بها عثمانُ إلى الآفاق، المشهور أنها خمسة، وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات، قال: أرسل عثمان أربعة مصاحف، قال أبو داود: وسمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعةَ مصاحف فأرسب إلى: مكة، والشام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحداً ".

وقال الحداد: " واختلف في عدد المصاحف التي كتبها عثمان، فقيل: – وهو الذي صوبه بن عاشر في شرح الإعلان [1]– أنها ستة: المكي، والشامي، والبصري، والكوفي، والمدني العام، الذي سيره عثمان من محل نسخه إلى مقرِّه، والمدني الخاص به، الذي حبسه لنفسه، وهو المسمى بالإمام ".


سادساً : كيفية انتشارها :



عن أنس بن مالك أنه قال: " حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمانُ الصحفََ إلى حفصةَ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا " .

لم يكتف عثمانُ بإرسال المصاحف إلى الأمصار، وإنما بعث مع كلِّ مصحف واحداً من الصحابة يقرِئ من أُرسل إليهم المصحف، وغالباً ما كانت قراءة هذا الصحابي تُوافق ما كُتِب به المصحف، فأمر زيدَ بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمان السلمي مع الكوفي، وعامرَ ابن عبد القيس مع البصري .

وبهذا يعرف كيفية انتشار هذه المصاحف؛ لأن الإعتماد في نقل القرآن هو التلقي من صدور الرجال ثقةٍ عن ثقة، وإمامٍ عن إمامٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك اختار عثمان بن عفان رضي الله عنه حُفاظاً يثق بهم وأنفذهم إلى الأقطار الإسلامية .


سابعاً : هل المصحف العثماني ( الإمام ) أو أحد المصاحف العثمانية الأولى موجود الآن ؟




في الحقيقة إن الحديث أو الإجابة عن هذا السؤال مما يصعُب تناوله في هذه الثواني القليلة، لكن أختصره اختصارا، وأجمله فيما يأتي :

ذكرت الدكتورة سحر السيد في كتابها: [ أضواء على مصحف عثمان بن عفان ] خمس ادعاءات حول مكان المصحف العثماني، وفندتها بالردود المقنعة، من هذه الإدعاءات :

1- أن مصحف الإمام كان محفوظاً في القاهرة .

2- أن مصحف الإمام كان محفوظاً في البصرة .

3- أن مصحف الإمام كان محفوظاً في طقشند .

4- أن مصحف الإمام كان محفوظاً في حمص .

5- أن مصحف الإمام كان محفوظاً في إستانبول .

ثم قالت: " وأعتقد لكشف الغموض الذي يكتنف مصحف عثمان الإمام، أن المصحف الذي كان محفوظاً بجامع قرطبة لم يكن كله مصحفَ عثمانَ الذي كان يقرأ فيه يوم استشهاده، وإنما كان يشتمل على أربع ورقات فقط منه، أما بقية أوراقه فقد تكون قد نسخت على نفس نظام المصحف العثماني، ثم بعد ذلك انتقل من دولة إلى دولة إلى أن استقر في دولة الموحدين، ومن بعدهم عند المرينيين الذين هزموا على يد البرتغاليين، وغنموا المصحف إلى أن استرده السلطان المريني بآلاف الدنانير سنة: ( 745هـ ) .

وهكذا أعيد مصحف الإمام إلى فاس بعد أن جرد البرتغاليون أغشيته ومزقوا ما كان على دفتيه من أحجار كريمة، واستمر المصحف محفوظاً في خزائن المرينيين، وكان ذلك آخر العهد به إذ انقطعت أخباره منذ ذلك التاريخ ".

والذي يلاحظ على الدكتورة سحر أنها قطعت أخبار المصحف العثماني منذ تاريخ بعيد، أي في القرن الثامن الهجري تقريباً، ولكننا نجد في المقابل مجموعة من المهتمين بالقرآن وعلومه يوضحون بالشواهد أن أحد هذه المصاحف العثمانية ظل محفوظاً في الجامع الأموي إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري، حيث قيل إنه احترق في الحريق الذي شب في الجامع الأموي ( 1310هـ )، وقيل نقل إلى إستانبول، وبعضهم يرى أنه موجود في مكتبة من مكتباتها، قال الزرقاني رحمه الله في: [ مناهل العرفان: 2/50 ]: " وليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن فضلاً عن تعيين أمكنتها، وقصارى ما علمناه أخيراً أن ابن الجزري رأى من زمانه مصحف أهل الشام، ورأى في مصر مصحفاً أيضاً، أما المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتب والآثار في مصر، ويقال عنها إنها مصاحف عثمانية، فإننا نشك كثيرا في صحة هذه النسبة إلى عثمانَ رضي الله عنه، لأن بها زركشة ونقوشاً موضوعة كعلامات للفصل بين السور، ولبيان أعشار القرآن، ومعلوم أن المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا، ومن النقط والشكل أيضا... ".



أختم هذا العرض المتواضع بكلام نفيس للقاضي أبي بكر الباقلاني رحمه الله، يقول رحمه الله : " وجميع القرآن الذي أنزله الله تعالى، وأمر بإثباته، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته، هو الذي بين اللوحين، الذي حواه مصحف عثمانَ رضي الله عنه، لم ينقص منه شيء، ولا زيد فيه شيء، نقله الخلق عن السلف ".


هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Ahnich
Ahnich

المساهمات : 112
تاريخ التسجيل : 24/10/2010
الموقع : itzar

https://elbohayra2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى